رسالة من صاحب القداسة بطريرك القسطنطينية
بروتوكول رقم ١١١٩
صاحبَ الغبطةِ والقداسةِ بطريركَ
مدينةِ الله أنطاكيةَ العظمى وسائرِ المشرق، الأخَ العزيز والمحبوب جداً
بالمسيحِ الإلهِ وشريكَ ضِعَتِنا في الخدمة السيّد يوحنا، نخاطبُكم بفرحٍ
عظيمٍ مقبِّلين غبطتَكم الوقورةَ أخويّاً بالربّ.
نتواصلُ من خلال رسالتِنا الأخويّةِ هذه مع غبطتكم الوقورةِ المحبوبةِ لنا جداً ومع كنيسةِ أنطاكية، ونسعى، تابعين أسلافَنا الدائميّ الذكرِ وأعمالَهم القانونيّةَ الشريفةَ، لنحيطَكم علماً بأننا ومنذ زمنٍ طويلٍ استلمنا طلباتِ اللجوءِ المتكررة للسيّد فيلاريتوس (كييف في ذلك الوقت)، وكذلك للسيّد مكاريوس (مدينة "لفيف" في ذلك الوقت)، ملتمسيَن الإشرافَ العطوفَ عليهم لكنيسةِ المسيحِ الأمِّ المقدّسة العظيمة، لكي ينضمّوا في الشركةِ معها، كونَهم يحملون الإيمانَ الأرثوذكسيَّ ذاتَه ويحفظون الأمانةَ في المصطلحاتِ والعقائدِ والمعتقداتِ الأرثوذكسيّةِ العامةِ للكنيسة الواحدةِ المقدّسة الجامعة الرسوليّة. كما أننا، منذ سنواتٍ عديدة، استلمنا في هذا الشأن طلباتٍ كثيرةً للدولةِ الأوكرانية المكرَّمةِ، مكتوبةً وشفهيةً، تختصُّ بمنحِ كنيسةِ بلدِهم نظامَ الاستقلالِ الإداريِّ الداخليّ، أي الاستقلالَ الذاتيّ.
قمنا سويةً في جلساتِ مجمعِنا الشريفِ المقدس بتدراسِ جميعِ هذه الحالاتِ، ليس فقط لمرةٍ واحدة أو بشكلٍ بسيط، وإنما بشكلٍ معمّقٍ ومطوّلٍ، وخلُصنا إلى القرارِ بأن نمضيَ قُدماً في الخطواتِ الضروريةِ لتسويةِ هذا الوضعِ المتفاقم، والذي شَغَلَ لسنواتٍ عديدةٍ جسمَ الكنيسةِ الأرثوذكسيّةِ الشرقيّةِ واضعاً، لجيلٍ كاملٍ، ملايينَ الأخوةِ الأوكرانيين المشاركين لنا في الإيمانِ ذاتِه خارجَ القانونيةِ والشركة. لذا، نحن برحمةِ الله تعالى رئيسَ أساقفة القسطنطينية، روما الجديدة والبطريركَ المسكوني، ووفقاً للمحتوى الروحيِّ للقوانين 9 و 17 للآباءِ القديسين المتوشحين بالله المجتمعين في خلقيدونة، رأينا بعينِ العطفِ طلباتِ اللجوءِ هذه المقدّمةَ من الأشخاصِ المذكورين أعلاه والذين معهم، وأعدناهم إلى درجاتِ رئاسةِ الكهنوت والكهنوت التي كانت لهم سابقاً وإلى الشركةِ الكنسيّةِ مع جميعنا.
ومن ثمّ، ألغينا الكتابَ الصادرَ عن سَلفِنا الدائمِ الذكرِ ديونيسيوسَ الرابع، والذي كان قد صَدرَ ضمن ظروفٍ تاريخيةٍ خاصّة، وفيه يُعطى لبطريركِ موسكو الإذنُ بسيامةِ متروبوليتِ كييف المنُتَخَبِ من قِبَلِ المجمعِ الإكليريكيِّ- العلمانيّ، بشرطٍ لا يمكن خَرقُه وهو ذكرُ الاسمِ القانونيِّ لكلِّ بطريركٍ مسكونيٍّ. وبسبب تحريفِ محتوى هذا الكتابِ، أُسيء تفسيرُ الشروطِ الموصوفةِ فيه، واحتملت الكنيسةُ الأمُّ هذا حتى ذلك الحين، حافظةً السلامَ الكنسيَّ. لكنَّنا، مع تغيّرِ الظروفِ الخارجيةِ وغيابِ دواعي وجودِ هذا الكتابِ، أعدنا الأمورَ التي تخصُّ كييف إلى نصابِها القانونيِّ، أي أعدنا هذه المناطقَ تحت الأمورفورين الخاصِّ بنا من جديد.
وبعد قرارِنا هذا، تلقينا طلباً من قِبَل رؤساءِ الكهنةِ العائدين هؤلاءِ، كما ومن قِبَلِ الدولةِ أيضاً، لإطلاقِ اليدِ إدارياً في هذه المناطقِ التابعةِ لنا من خلالِ إنشاء ِكنيسةٍ مستقلّة. كما وتلقينا التماساً للدخولِ تحت حمايتِنا القانونيةِ من طَرفِ أخوينا صاحبيِّ السيادة سمعان وألكسندروس، اللذين سبقَ واعتبرا أعمال كنيسةِ القسطنطينية الأمِّ للروسِ والأوكرانيين ذاتَ أهميةٍ حيويةٍ، فأدخلناهما كذلك إلى إطارِ سلطتِنا القانونيةِ. وبناءً على هذا، دعَونَا في كييف، يومَ الثلاثاء الواقع فيه الخامسُ عشر من شهرِ كانونَ الأولِ، إلى مجمعٍ استثنائيٍّ إكليريكيٍّ- علمانيّ برئاسةِ الإكسرخوس المعتمدِ من قِبَلِنا صاحبِ السيادةِ متروبوليت فرنسا السيّدِ عمانوئيل، مرسلين دعوةً إلى كلِّ رؤساءِ الكهنةِ في أوكرانيا دون استثناءٍ. وعن هذا المجمعِ الإكليركيّ- العلمانيّ الذي أعاد بشكلٍ صريحٍ تدوينَ طلبِ الاستقلالِ الذاتيِّ، أُعلِنَ، بالتصويتِ القانونيِّ، صاحبُ السيادةِ المتروبوليتُ أبيفانيوسُ كأولِ رئيسٍ للكنيسةِ الأوكرانيةِ المستقلّة، والذي قد أَرسلَ لنا رسالتَه السلامية.
وهذا نكتبه لأجل إعلامٍ موثوقٍ وآمنٍ لغبطتِكم المحبوبة.
وعلى ذلك، فإن ضِعَتَنا ومَنْ معنا مِن أصحابِ السيادة المطارنة، من متروبوليتٍ ومتقدّمِ الكرامة، الأخوةِ الأحباءِ لنا وشركاءِ خدمتِنا بالروحِ القدس، الذين يشكِّلونَ المجمعَ الشريفَ المقدّسَ لكرسيِّنا المسكونيِّ البطريركيِّ الرسوليِّ المقدسِ، إذ وافقنا، كما يقتضي الترتيبُ، على هذه الأمورِ بروحِ رغبةٍ عميقةٍ، أن نُكمِلَ مسيرةَ كنيسةِ المسيح المقدّسةِ العظيمة، التي تعتني كلَّ حينٍ في كلِّ مكانٍ تحت السماءِ، بتضحيةٍ وإخلاءِ ذاتٍ، بالقضايا الكنسيّةِ الطارئةِ المستعصيةِ والعسيرةِ الحلِّ، والتي تعودُ إليها حصرياً مسؤوليةُ منحِ الاستقلالِ الذاتيِّ، الأمرُ الذي يَظهرُ عملياً في حالاتِ جميعِ الكنائسِ المحليةِ الجديدةِ الشقيقةِ، نعترفُ بالكنيسةِ الأوكرانيةِ المقدّسةِ ككنيسةٍ ذاتِ استقلالٍ وإدارةٍ ذاتيةٍ مُعلِنةً ومُحترِمةً المسؤولياتِ والحقوقَ التي للكنائسِ المستقلّةِ الأخرى، شريكةً في استقامةِ الرأيِ ذاتِها والإيمانِ ذاتِه في كلِّ شيءٍ، وبناءً على ذلك، إذ نُصدرُ طرسَنا البطريركيَّ والمجمعيَّ الشريفَ، مُصادِقاً ومُعلِناً كلَّ هذا، فإننا نصونُ هذا العملَ الكنسيَّ، بحيث تُحفَظ الوحدةُ العقائديةُ قويةً لا يعتريها تحولٌّ وكذلك أيضاً علاقةُ وصِلةُ الكنيسةِ الأوكرانيّةِ المقدّسةِ بكنيسةِ المسيحِ المقدّسةِ العظيمةِ، وبكراسي الشرقِ القديمةِ وبالكنائسِ الأخرى الأرثوذكسيّةِ المحليّةِ المستقلّةِ الشقيقة. ويُعرَف رئيسُها الجديدُ بلقبِ "صاحبِ الغبطةِ متروبوليت كييف وسائرِ أوكرانيا".
ومن المزمعِ إتمامُ كلِّ هذه الأمورِ في السادسِ من شهرِ كانونَ الثاني القادمِ، في عيدِ الظهورِ الإلهيِّ، حيث نرغبُ بإعطاءِ طرسِ الاستقلالِ الذاتيِّ السابقِ ذكرُه وأن نشاركَ الخدمةَ مع رئيسِ كنيسةِ أوكرانيا الأرثوذكسيّة، ونحيطُ علماً بهذا غبطتَكم المحبوبةَ مع كنيستِكم الشقيقةِ المقدّسةِ، ونُعبِّرُ عن ثقتِنا الأخويّةِ أنَّ غبطتَكم، إذ تعلمون بشكلٍ وافٍ الرغبةَ التي لطالما عبّرتْ عنها أوكرانيا، كما وحصريةَ المسوؤليّةِ والامتيازِ اللذين لكنيسةِ القسطنطينيةِ في معالجة ِكلِّ المسائلِ الكنسيّةِ بما يفوقُ الحدودَ، سوف توافقون على هذه الأمورِ الحاصلةِ وأنَّكم من الآن فصاعداً مع رعيتِكم الأرثوذكسيّة ستعترفون بالكنيسةِ الأرثوذكسيّةِ الأوكرانيّة كنيسةً مستقلةً وذاتَ إدارةٍ داخليّةٍ ذاتيّةٍ، ذاكرين اسمَ كلِّ متروبوليتٍ لكييف وسائر أوكرانيا في الذيبتيخا الشريفةِ مباشرةً بعد اسمِ صاحبِ الغبطةِ رئيسِ كنيسةِ تشيكيا وسلوفاكيا.
وبناءً على هذا، نرجو محبتَكم أخويّاً، أن تُصلُّوا لربِّنا مؤسّسِ الكنيسةِ، لأجل الكنيسةِ المقدّسة الجديدةِ الشقيقة، بحسب ما تَقرَّر الآن من قِبَلِكم، لكي تبقى في مصفِّ التقليدِ الآبائيِّ إلى الأبد، فتخدمَ وحدةَ الجسدِ الأساسيِّ، وتغتذي ثماراً روحيّةً نضرةً من شركتِها معنا جمعياً، نحن الذين لن يكونَ لنا عذرٌ في يومِ الدينونةِ، إن أردنا تجاهلَ إخوتِنا الواقعين في الضّيقاتِ في أوكرانيا، أمامَ المنبرِ الرهيبِ للفاحصِ الوحيدِ لقلوبِ ونفوسِ البشرِ والديَّانِ العادلِ، ربِّنا وإلهِنا ومخلّصِنا يسوعَ المسيحِ، الذي له المجدُ والعزّةُ والكرامةُ والسجودُ إلى الأبدِ. آمين.
نلثمُ غبطتَكم الوقورةَ المحبوبةَ بقبلةٍ مقدّسةٍ، ونختمُ مع المحبةِ العميقةِ بالربِّ وكلِّ كرامةٍ، داعين لكم أن تكون الأيامُ الاثني عشر القادمةُ على الأبوابِ أعياداً مباركة.
٢٤ كانون الأول ٢٠١٨
الأخ الحبيب بالرب لغبطتكم الوقورة
الأخ الحبيب بالرب لغبطتكم الوقورة